admin المدير العام
عدد الرسائل : 263 العمر : 38 المزاج : هادئ نشاط العضو : احترامك لقوانين المنتدي : كيف تعرفت علينا : احلي منتدي تاريخ التسجيل : 17/12/2007
| موضوع: الأدب المهجري الخميس أكتوبر 30, 2008 2:20 am | |
| نص الموضوع : قال أحد النقاد :ظلّ أدباء المهاجر على بعد الدار يحنّون إلى أوطانهم وأهليهم وملاعب صباهم مرتبطين بقضايا أمتهم مصوّرين واقعهم بنزعة ساخرة ومعبّرين في الوقت ذاته عن نزعات تأملية وإنسانية . ناقش القول السابق ، وأيّد ما تذهب إليه بشواهد مناسبة مما ورد في كتابك المقرر من دراسات ونصوص
مقدّمة :تتضمن : أسباب الهجرة . · اتجّاه الشوق والحنين : ü الشّوق إلى الأهل ، والحنين إلى الوطن . ü الشوق لملاهي الطفولة . ü تصوير معاناة المغربين . ü الحل للمعاناة التشجيع على العودة . · الاتجاه القومي : ü تحيّة وتمجيد شهداء الأمة ( شهداء السادس من أيّار) . ü التنديد بجريمة المستبد السفاح . ü وحدة الآلام تجمع العرب وتّوحدهم . ü الدعوة للثار لشهداء السادس من أيار . ü تمجيد صفات الآباء والأجداد الذين دافعوا عن الوطن . · الاتّجاه التأمّلي ü تصوير الليل ورهبته . ü الاندماج بالطبيعة ( الليل ) وتشخيصه للتعبير عن الاضطراب والتشاؤم . · الاتجاه الإنساني : ü احترام وتمجيد قيمة الإنسان فهو أغلى كائن ومحور الحياة ( ميخائيل نعيمة ). ü مشاركة الآخرين الحزن والفرح الإنسان الحقّ هو من يحبّ لأخيه ما يحبّ لنفسه . · الاتّجاه الواقعيّ : ( الياس فرحات - شقاء الغربة ) ü سوء حظ الشاعر ومعاناته في طلب الرّزق . ü تصوير الشقاء والمعاناة في الغربة . · خاتمة مناسبة :
ùùùùùùùùùù
حين اعتزم الأدباء العرب النزوح عن أوطانهم فارين من الظلم والتعسف في ظل الدولة العثمانية المريضة إلى ما وراء المحيط كانوا يمنون نفسهم الجائشة بإدراك الأمل وتحقيق الأحلام ولم يكن يدور في خلدهم قط أن اللقمة هناك جاثمة في فم السبع كامنة في قلب الصخر ومن دونها السهر والكد والعرق والدمع وكان أن أدرك المهاجرون بعد فوات الأوان أنهم تائهون في مجاهل الغربة ضائعون في صحاري العجمة فلا القوم قومهم ولا الديار ديارهم فكان أدبهم هناك نبتة عربية زكت في أرض غريبة وأتت أكلها جنىً سائغاً فيه من العروبة صفاء الروحانية ووهج الحماسة ودفق العاطفة. والحنين إلى الوطن من طبيعة الإنسان المهاجر وقد أذكاه في نفوسهم ضجيج الآلة وحضارة المادة وقسوة الحياة فكانوا يفزعون من هذه الأمور إلى شرقهم الوادع الهادي شرق الطبيعة الحنون ويتذكرون وطنهم و أهليهم فيجيش في قلوبهم فيض العواطف ويتمنون لو تقلّهم إلى الأرض الطيبة أشواقهم المرهفة يقول شفيق معلوف معبراً عن حنينه للوطن لبنان وأصحابه : أيّ صوت أدعى غداة التنادي من نداء الأكباد للأكباد نشط الشـوق للإياب ونادى باسم لبنان في الضلوع مناد ولم يقتصر حنين الشاعر المهاجر على الأرض ونسيم الأهل بل أطلقوا زفراتهم حنيناً وشوقاً إلى ذكريات الصبا الماثلة في قلوبهم على الرغم من تعقيدات الحياة المادية وأخذت هذه الذكريات تشدهم إلى ملاعب طفولتهم يقول شفيق معلوف معبراً عن حنينه لملاعب الصبا: هاك ملهى الصبّا فيا قلب لملم ذكرياتــي على ضفاف الوادي وماكان فراق الوطن ليسهل على بنيه لولا أنّهم بهجرتهم منقذوا أنفسهم من نواجذ الفقر على الرغم من قسوة الغربة التي سطّرت أخاديداً عميقة على جباههم تقصّ حكايا الشقاء يقول شفيق معلوف واصفاً معاناة المغربين : في قلوب المغّربيـــن جراح حملـــوها على الجباه الجعاد ولاشك أنّ البعد عن الأوطان أدمى قلوب المهاجرين حزناً ويأساً وظلّ الشوق يحثهم على العودة والرجوع إلى أكناف الوطن كي يستريحوا وتهدأ نفوسهم المشتتة فالشراع كان أصل الداء واليوم هو البلسم لداء الغربة يقول شفيق معلوف مشجعاً بالعودة : وزعتهـم كف الرياح فهـــلاّ جمعتهم يد النســـيم الهادي حان أن يخنقوا الشراع ويطووا علم الفتح بعد طول الجهاد وقد صوّر أدباء المهجر في أشعارهم ما كانت تعانيه أوطانهم من اضطهاد وحثّوا مناضليها على افتداء حريتها وإذا كان الجود بالنفس أقصى غاية الجود فمن الطبيعي أن يهزّ سقوط الشهداء في ساحات التضحية وجدان الأمة ويلهب قرائح شعرائها وما شهداء السادس من أيار الذين توّجوا سفر البطولة إلا طليعة القرابين المقدسة فوق أديم لبنان ودمشق . والشاعر القروي الذي أفنى حياته في الكفاح القومي والدعوة العربية كان من أوائل من رثوا هذه القافلة فلم تكن قصيدته مرثية دامعة ولم يبلل قوافيها بدموع التفجع بل كانت تمجيداً وتعظيماً فيبدأ مطلعها بتقديم تحية الإجلال والإكبار والدعاء الطاهر والنواصي يجب أن تخفض تكريماً للشهداء فهم من أصبحوا منارات تهدي الشعب لطريق الخلاص : خير المطالع تسليم على الشّهدا أزكى الصلاة على أرواحهم أبدا فلتنحن الهام إجلالا ًو تكرمة لكلّ حر ّعن الأوطان مات فدى وبعد ارتكاب جمال باشا جريمته الشنعاء بتعليق عشرات من زعماء العرب على أعواد المشانق أثار هذا العمل الأخرق حفيظة القروي فندّد بهذه الجريمة من خلال قواف شجية تستنكر الجور والطغيان فالسفاح علّق أجسادهم الطّاهرة على أعواد المشانق ظنّاً منه أنه سيخمد شعلة النضال المقدس ولكن كيف يكون ذلك وقوافل الشهداء تتلو بعضها يقول:
قد علّقتكم يد الجانـي ملطّخة فقدّست بكم الأعواد والمسـدا والأمّة العربيّة بعد أن ابتليت بالتجزئة والتقسيم غدت تتلهف على ضمّ ما انفرط من عقدها فكان الحبل الذي لُفَّ حول أعناق الشهداء رابطة تجمع العرب وتوحّد رأيهم وتحفّزهم أبداً للنضال والثورة يقول القروي : أكرم بحبل غدا للعرب رابطة وعقدة وحّدت للعرب معتقدا ويرى القروي بنظرته المستقبلية أن للشباب العربي دوراً مهماً جداً فهم عون وأمل الأمة المنكوبة ومن سيأخذ بثأر هؤلاء الشهداء يقول : وأنتم يا شباب العرب يا سندا لأمّة لاترى في غيركم سندا ناشدتكم بدماء الأبرياء ألا لا تهدرنّ دماء الأبرياء سدى واتّجه القروي إلى تمجيد بطولة الآباء والأجداد داعياً إلى الإقتداء بهم فهم أبطال شجعان وأصحاب نفوس أبية والتاريخ لن يأتي بمثلهم فهم ما رضوا لأنفسهم إلا الشهادة يخوضون مناهل الردى كي يبردوا نار غضبهم يقول: تلك الجبابرة الأبطال ما ولدت للمجد أمثالهم أمُّ و لــن تَلِدا لله أروعُهــُم , كالنّار مُتقدا يبغي حياض الرّدى بالنار مُبتردا وقد آمن أدباء المهجر بالقيم الإنسانية العليا وتفاعلت روحانيتهم الشرقية مع المادية الغربية واستطاعت أن تثبت وجودها وهذا التوجّه نادى به أدباء كثر أمثال ميخائيل نعيمة الذي دعا إلى تمجيد قيمة الإنسان لأنًه أصل الحياة ومحور الإنسانية فالإنسان هو البداية والنهاية وهو المعطي للحياة لونها وبريقها يقول محرضاً على احترام قيمة الإنسان: أيّها الإنسانُ، أنت الإنسانيّة بكاملها، منك تتفجّر ينابيعها وإليك تجري، وفيكَ تصبّ. كما نادى نعيمة بمبادئ إنسانية راقية كالخير والحبّ وودعا إلى مشاركة الآخرين أفراحهم وأحزانهم ومآسيهم والحفاظ على حقّ الجوار يقول : أفِي قلب جارِكَ سعادةٌ؟ ألا فاغتبطْ بسعادته لأنّ في نسيجها خيطاً من نسيج روحكَ. أفِي قلبِ جاركَ حُرقةٌ؟ فليحترِق قلبُكَ بـها، لأنّ في نارها شرارةً من موقدِ بُغضك و إهمالِكَ. أفي عين جارك دمعةٌ؟ فلتدمع بها عينك، لأن فيها ذرّةً من ملح قساوتك. وأَعملَ أدباء المهجر فكرهم متأملين مظاهر الكون و الطبيعة محاولين بذلك أن يضعوا بشعرهم ونثرهم حلاً لمشكلات شتى فجعلوا قضية الإنسان والمصير شغلاً شاغلاً لهم فصاغوا تأملات عكست نفسياتهم واندماجهم مع المحيط الجديد فجبران ينادي الليل ويصور رهبته وسطوته المستمدة من السكون وجعله ملهم الشعراء والمنشدين والعشاق وباعث للأشباح والأخيلة والذكريات والحنين يقول: يا ليلَ العشّاقِ والشّعراء والمُنشدين. يا ليل الأشباح والأرواح والأخيلة. يا ليل الشّوق والصّبابة والتّذكار. أيّها الجبّارُ الواقفُ بين أقزامِ المغربِ وعرائسِ الفجر، المُتقَلِّدُ سيفَ الرّهبة، المُتوَّجُ بالقمر. وبعيد ذلك يشخص جيران الليل وينصهر فيه انصهاراً تاماً فيثير الليل فيه كوامن الشجن فليله ليس له بدء ولا نهاية يعبر عن اضطراب نفسي كان يعاني منه جبران في غربته فظهر كأنه تائه متشائم بانقضاء أجله كالليل الذي يسقط قناعه مع الصبح يقول : أنا ليلٌ مسترسلٌ منبسطٌ هادئٌ مضطرب،وليس لظلمتي بدءٌ، وليس لأعماقي نهايةٌ، فإذا ما انتصبت الأرواح متباهيةً بنور أفراحها، تتعالى روحي متجمّدة بظلام كآبتها. أنا مثلك أيّها اللّيل، ولن يأتيَ صباحي حتى ينتهي أجلي. وقد هدأت نفس الشاعر المهجري بأنّ شراع الهجرة سوف يفتح له بوابات من الذهب والفضة وإنّ سماء الغربة ستمطر له الياقوت والمرجان والأرض ستخرج له أحجاراً كريمة إلا أنه فوجئ بواقع أليم ومغاير فامتشق ريشته من دواته ليرسم صورة واقعية من صور عذابه فالنحس ظلّ ملازماً الشاعر فرحات في حياته كاملة فغدت كلّها تعب وكدّ وتعس و لقمة العيش عاندته عناداً قلّ نظيره يقول : طوى الدهر من عمري ثلاثين حجّة طويت بها الأصقاع أسعى وأدأب أغرّب خلف الرّزق و هو مشرّق وأقسم لو شرّقت راح يغرب وإنّ شظف العيش الّذي لاحق الشاعر المهجري جعل قلمه يقطر حبراً ساخراً يفصح عن قسوة الحياة وشدّة المعاناة فأحياناً يسكنون بيوتاً مهجورة وأحياناً أخرى تكره الخيل ممّا يشربون والبوم يصيح معبراً عن التشاؤم قول : نبيت بأكواخ خلت من أناسهـــــا وقام عليهــــا البوم يبكــي وينعب فنمسي وفي أجفاننا الشوق للكرى ونضحي وجمر الســهد فيهنّ يلهب ونشرب ممّا تشــــــرب الخيل تارة وطوراً تعاف الخيل مانحن نشــرب ومجمل القول نرى أنّ الهدف الذي عمل له أدباء المهجر باستمرار ونشاط فهو خلق أدب حرٍّ قوي يعنى بالمعاني والأفكار الكبيرة ولا يتقيد بالسفاسف التي تكبّل أجنحته دون التحليق والسمو ومن هنا كان سرّ ذيوعه وتأثيره في النفوس والأقلام .
ùùùùùùùùùù المدرس : محمد هاني مصطفى | |
|